عودة العلاقات الايرانية السعودية نقطة رابحة في يد طهران وفشل محقق لسياسات واشنطن في المنطقة

عاجل

الفئة

shadow
*ريم عبيد*

يوما بعد يوم، يتأكد العالم وخصوصا العربي أن ايران دولة لا تستعدي عبثا، ولا تتدخل بشؤون غيرها، ولا تهاجم أحدا بلا سبب.
آخر الدلائل على ذلك، هو عودة العلاقات السعودية الايرانية، صحيح أن الرياض فهمت الأمر متأخرة، لكن أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا.
ما حدث، يوضح بشكل جلي أن السياسة الايرانية أمضى وأكثر عمقا، وأكثر قدرة على التأثير من تلك التي تعتمدها واشنطن، وذلك لعدة أسباب:
_عودة العلاقات سبقت إعلان التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وهذا فوز محقق على اميركا.
_العلاقات أتت بوساطة صينية ولذلك رمزيته وسط توتر الاجواء الاميركية الصينية.
_لم تقف العقوبات أو المواقف الاميركية حاجزا أمام انجاز اتفاق العودة.
_تحول السعودية من الاسلام المتشدد الى الانفتاح المفرط الذي اتى بتوجيه أميركي، هو أيضا لم يكن مانعا من عودة العلاقات. 
_لم تستطع اميركا أن ترسخ فكرة أن ايران عدو، بل استطاعت ايران أن تثبت أنها يمكن أن تكون شريكا اقتصاديا تجاريا وحتى أمنيا.
ويمكن أيضا من خلال هذه العودة، التي طالت بعض الوقت واحتاجت جولات متعددة قبل تحققها، أن تفرز عددا من الاستنتاجات:
_أولا، ايران لا تستعدي أحدا ما لم يستهدفها بشكل مباشر.
ثانيا، ايران منفتحة على الجميع دون استثناء، وهي بعيدة كل البعد عن فكرة الاعتداء وخصوصا على الدول الاسلامية.
_ثالثا، من يمارس التمييز العنصري هي اميركا وليست ايران التي لم تقف عند ما تقوم به السعودية من تحول وضرب للقيم الاسلامية، على اعتبار أن هذا يعد شأنا داخليا.
رابعا، تنتقد ايران الانتهاكات الحقوقية ولكن يبقى انتقادها في اطار رغبتها بعدم حصوله حفاظا على الانسان، ولكنها لا تقوم بأي خطوات إجرائية،لأن ذلك أيضا يعد تدخلا في الشؤون.

 وترجع عودة العلاقات السعودية الايرانية أولا الى نمو العلاقات بشكل مضطرد ما بين ايران والامارات، واستفادة الجانبين من هذه العلاقة على كل المستويات،وخصوصا الاقتصادي منها، والذي ساهم بتبدد المخاوف عند السعودية المقبلة على طفرة اقتصادية وعمرانية وتسعى الى تطوير ذاتها من خلال مشاريع ضخمة تقيمها بغض النظر عن نتائجها الاقتصادية، فإنها رأت أن العودة أفضل من العداوة خدمة لرؤيتها الحالية، وخدمة لمشروع التنافس بينها وبين الامارات على زعامة الخليج.

قد يسأل البعض، كيف تقبل الولايات المتحدة بعودة آمنة للعلاقات بين السعودية تحديدا من الخليج وايران، وهي التي تنظر الى السعودية على اعتبارها بقرة حلوب، وتنظر لايران على أنها خطر يهدد وجودها، الجواب على السؤال يختصره الحال الذي وصلت اليه اولا افغانستان رغم مكوث اميركا فيه ما يقارب العقدين، و اوكرانيا  مثال آخر بعد الحرب الروسية التي تدور على أرضها وما وصلت اليه من تهالك وتفكك وانهيار في مقابل اصرار اميركا على المزيد من القتال وهي التي تحتاج لوقف الحرب حاجة ماسة، ولكن مصالح اميركا تفوق كل اعتبار، وبات واضحا انها ضحت باوكرانيا خدمة لمصالحها.
واوروبا ايضا مثال، عبر تفكيك اتحادها من الداخل، ودفع بريطانيا للخروج منه، وتحويله الى كيان مفكك مهدد بالانهيار في أقرب وقت، في مقابل ذلك، ايران لم تتدخل بشكل سلبي في أمور أي دولة في العالم، وحراكها قائم في الأساس على دعم الدول التي تدور فيها صراعات وفلسطين مثال.
وهناك نقطة اضافية،احدثتها التطورات الاخيرة في الكيان الاسرائيلي، والتي ساهمت بتبدد كل التأملات التي بنتها الدول الخليجية على اسرائيل، ذلك أن الاخيرة وصلت الى نقطة اللاعودة بحسب تصريحات قادتها وفي مقدمتهم رئيسها اسحاق هرتسوغ، من جراء التظاهرات المناهضة لسياسات الحكومة الحالية، والتي دفعت باتجاه تصاعد العنف، وأيضا ساهمت في مضاعفة العمليات البطولية التي تهدد كل اسرائيلي في كل وقت وكل مكان، ويضعف امكانية تحقيق الأمان المنشود، ما ساهم في ارتفاع وتيرة الهجرة بحثا عن الأمان، وعمق شعور عدم الثقة بالحكومة الحالية المهددة بأن يكون مصيرها كمصير سابقاتها التي شهدت مخاضات متعثرة وفاشلة، وبقاؤها يعني تهديدا وجوديا لاسرائيل، وهو ما باتت تشعر به الدول الخليجية وتأكد لها أنه حقيقة قريبة الحصول.

الناشر

1bolbol 2bolbol
1bolbol 2bolbol

shadow

أخبار ذات صلة